الأحد، 10 ديسمبر 2006

"محاربة الفقر التزام لا إحسان" شعار يوم حقوق الإنسان


أمل خيري....

احتفل المجتمع الدولي يوم العاشر من ديسمبر 2006 باليوم العالمي لحقوق الإنسان والذي بدأ الاحتفال به رسمياً اعتباراً من عام 1950 بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 423 الذي دعت فيه جميع الدول والمنظمات المهتمة بالأمر إلى اعتماد يوم 10 ديسمبر من كل عام بوصفه يوم حقوق الإنسان.
وتضطلع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بدور رئيسي في تنسيق الجهود من أجل الاحتفال السنوي بهذا اليوم.
وقد قررت المفوضية الاحتفال هذا العام بيوم حقوق الإنسان تحت شعار " محاربة الفقر: قضية التزام لا إحسان" باعتبار أن الفقر هو سبب لانتهاكات حقوق الإنسان ونتيجة لها. وربما يكون هذا الطابع ذو الحدين هو الذي يجعل الفقر أخطر التحديات المتعلقة بحقوق الإنسان في العالم. ولذا كان لابد من توضيح الصلة بين حقوق الإنسان والفقر: حيث أن أغلب ضحايا التمييز أو الاضطهاد هم من بين الفقراء الذين يعانون صعوبة أو استحالة المشاركة في سوق العمل، كما أنهم لا يتمتعون بأي فرص تذكر للحصول على الخدمات أو الموارد الأساسية.
وللفقر تأثيره على جميع حقوق الإنسان: فعلى سبيل المثال، فإن انخفاض الدخل من شأنه أن يحول دون حصول الناس على التعليم ـ وهو حق ”اقتصادي واجتماعي“ ـ وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى منعهم من المشاركة في الحياة العامة ـ وهو حق ”مدني وسياسي“ ـ كما يعوق قدرتهم على التأثير في السياسات التي تمس شئونهم ومع ذلك، قلما يُنظر إلى الفقر من زاوية حقوق الإنسان .

شفقـة أم التـزام ؟
تقتضي الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان من الحكومات أن تضع رفاهة الناس في المقدمة. وتطالب بأن تعمل الحكومات والسلطات على القضاء على أحد الأسباب الجذرية للفقر، ألا وهو التمييز والتباين في التعامل مع مختلف الجماعات. وقد صدّقت جميع الدول على واحدة على الأقل من معاهدات حقوق الإنسان الرئيسية السبع، ووقّع 80 % منها على أربع اتفاقيات أو أكثر. ويعكف عدد متزايد من البلدان، بما في ذلك بلدان العالم النامي، على الوفاء بهذه الالتزامات بصورة ملموسة، مما يتيح للناس إمكانية اللجوء إلى القضاء ومطالبة الدولة بأن تحترم التزامها بأن تضمن لمواطنيها حياة تسودها الكرامة واحترام حقوق الإنسان.
ولدى اعتماد نتائج مؤتمر القمة العالمي لعام 2005، أعرب قادة العالم عن عزمهم على إدماج حقوق الإنسان في سياساتهم الوطنية. وتقع المسؤولية الرئيسية عن حماية حقوق الإنسان على الحكومات الوطنية، إلا أن المؤسسات تقع عليها أيضاً مسؤولية العمل وفقاً للقواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وأي دولة تعوزها الوسائل الفعالة لحماية حقوق الإنسان الأساسية لشعبها تتحمل الالتزام بأن تلتمس بصورة فعالة المساعدة والتعاون الدوليين. وبالمثل، فإن الدول التي يكون بمقدورها تقديم المساعدة في هذا المجال تقع عليها مسؤولية دعم الدول الأخرى لتمكينها من ضمان الحماية الكافية لحقوق سكانها.
وفي هذا الصدد، فإن الكثير من الدول الغنية تقصُر عن الوفاء بواجبها. وعليها أن تفي بالتزاماتها بمساعدة البلدان الفقيرة على التخفيف من حدة الفقر. ولن يتسنى بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية في موعدها النهائي المقرر له عام 2015 إذا ما استمر المضي في تحقيقها على سرعته الحالية. وحتى في الحالات التي يحتمل فيها بلوغ هذه الأهداف، ربما تظل هناك تفاوتات هائلة داخل البلدان على نحو يخل بالالتزامات الدولية والوطنية ويهدد استدامة ما تحقق من إنجازات كلية.
القضاء على الفقر: ليس بالخبز وحده
وإذا كان الفقر ينطوي على ضعف القوة، فلا بد للحلول أن تركز على تمكين الناس أنفسهم، وبخاصة هؤلاء الذين يعانون من أشد أشكال التمييز والاستبعاد الاجتماعي. ويزخر التاريخ بالعديد من الحلول التي تطبق "من أعلى إلى أسفل“، لكنها حلول فاشلة ينظر لها باعتبارها مسكنات وقتية لأنها تتغاضى عن الأسباب الجذرية للفقر، كما تتجاهل مطالب الناس وآرائهم وقدراتهم على أن يحددوا مصيرهم بأنفسهم.
ومن الناحية العملية، يمكن لجميع البلدان أن تتخذ تدابير فورية لمكافحة الفقر بكل جوانبه المعقدة. والادعاء بانعدام الموارد لا يعفي البلدان من مسؤولياتها. وكثيراً ما سيكون للحد من الفقر تكاليفه المالية، إلا أن الثمرات تستحق التضحية فعلى سبيل المثال، يؤدي إنهاء التمييز في حالات كثيرة إلى إزالة معوقات المشاركة في سوق العمل وغيرها من العوائق الهيكلية التي تحول دون إعمال حقوق الإنسان.
ويطرح معدل وفيات الأطفال مثالاً مناسباً آخر، فمعظم وفيات الأطفال يمكن تجنبها، ومع ذلك يرتفع هذا المعدل في كثير من البلدان فحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن قرابة 6 ملايين طفل يمكن إنقاذهم سنوياً من خلال تدخلات بسيطة منخفضة التكلفة. وقد تصدى عدد من البلدان المنخفضة الدخل، مثل فيتنام وبنجلاديش، لبعض الأسباب الجذرية للمشكلة، وسجلت إنجازات رائعة في مجال خفض معدل وفيات الأطفال.